صوّت له قرابة 3 ملايين.. قيس سعيّد نال شرعية شعبية غير مسبوقة بتونس
حقق المرشح الفائز في الانتخابات الرئاسية قيس سعيّد فوزا ساحقا على منافسه نبيل القروي بنسبة تصويت قياسية بلغت 72.71% مقابل 27.29% وفق النتائج الرسمية التي أعلنتها الاثنين الهيئة المستقلة للانتخابات، ليكتسب -بحسب مراقبين- شرعية شعبية لم يسبقه إليها أي رئيس تونسي.
وبلغ عدد المصوتين لسعيّد مليونين و777 ألفا من جملة 7 ملايين ونصف مليون ناخب مسجل، وهو رقم تجاوز بأشواط نسبة المصوتين للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي في 2014، والذي بلغ مليونا و700 ألف صوت.
كما تجاوزت أرقام المصوتين لساكن قرطاج الجديد عدد الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التشريعية الأخيرة، والتي بلغت نحو مليون و750 ألف ناخب، ليتمكن قيس سعيّد من كسب شرعيته عبر الصندوق والتي قد تغنيه -بحسب كثيرين- عن مشقة البحث عن حزام برلماني يدعمه.
في المقابل، حصل مرشح حزب قلب تونس نبيل القروي على مليون و42 ألف صوت، وفق النتائج الرسمية.
وتجاوزت نسب التصويت لقيس سعيّد في بعض محافظات تونس بحسب أرقام أولية رسمية نشرتها هيئة الانتخابات 90%، وهي نسبة ذكرت التونسيين بعهود الاستبداد مع الرئيس المخلوع بن علي، لكن الفرق هذه المرة أن سعيّد حصل عليها بطريقة ديمقراطية.
وسجلت محافظة تطاوين بالجنوب التونسي أعلى نسبة تصويت للمرشح قيس سعيّد لتصل إلى 96.09%، ليطيح بالضربة القاضية بمنافسه نبيل القروي الذي لم ينل سوى 3.91% من الأصوات.
واستطاع سعيّد أن يهزم منافسه في عقر داره ومسقط رأسه بمحافظة بنزرت (شمال تونس) بحصوله على 62.88% مقابل 37.12% لمنافسه.
- قدرة على التجميع
ويعتبر أمين عام التيار الديمقراطي غازي الشواشي أن التصويت القياسي لقيس سعيّد على حساب خصمه نبيل القروي اكتسى بعدا عقابيا أراد من خلاله التونسيون معاقبة المنظومة الفاسدة والمال السياسي الفاسد الذي يمثله شخص القروي، حسب تعبيره.
وأقر الشواشي بقدرة سعيّد على تجميع التونسيين بمختلف مشاربهم السياسية حول شخصه، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، متحزبين ومستقلين، مبررا ذلك بخوفهم على مستقبل المسار الديمقراطي في البلاد في أن يسقط تحت براثن المافيا واللوبيات الفاسدة.
ولفت إلى أن التونسيين انتخبوا الرجل بأغلبية عريضة لأنهم وجدوا فيه خصالا لم يعهدوها في غيره من السياسيين، وأهمها نظافة اليد والصدق في القول وعدم التكالب على السلطة.
ودعا القيادي في التيار الرئيس الجديد إلى الدخول بكل قوة في معركة بناء الدولة وإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وبناء دولة قوية وعادلة.
كما دعاه إلى أن يلتقط رسائل التونسيين الذين ثاروا على ما سماه "السيستام" (المنظومة السياسية القائمة قبل الانتخابات).
- عودة الروح للثورة
وأعادت أهازيج الآلاف من التونسيين بشارع الثورة ليلة البارحة ومعاني الشعارات التي صدحت بها حناجر الشباب إلى الأذهان روح الثورة ووميضها الذي كاد أن ينطفئ بسبب ما يصفه البعض بالأداء الكارثي للحكومات المتعاقبة، وفقدان التونسيين الثقة في الطبقة السياسية برمتها.
من جهته، أعاد الباحث في علم الاجتماع سامي براهم حصول سعيّد على نسب تصويت قياسية لما وصفه بترهل الطبقة السياسية، والذي ظهر جليا -حسب قوله- خلال المناظرة التلفزيونية التي تنافس فيها سعيّد والقروي.
ولفت إلى أن المناظرة في بعدها الرمزي لم تكن بين شخصين بقدر ما كانت بين مرجعيتين أخلاقيتين، الأولى لصورة الرجل الطاهر والنظيف والخالي من أي دنس سياسي، والثانية لصورة المرشح القادم من منظومة سياسية فاسدة وإعلام فاسد.
ولم يخفِ براهم انبهاره من طبيعة الشباب الذيبن نزلوا ليحتفلوا بالآلاف بفوز قيس سعيّد وسط العاصمة، والذي لا ينتمي -حسب قوله- لأي جهة سياسية أو تيار أيديولوجي.
وختم قائلا "استوقفني في شارع الثورة البارحة عودة ذلك الفتى صاحب الصورة الشهيرة والحامل لقفصه في 2011، وهو الذي سبق أن كشف عن خيبة أمله في الطبقة السياسية وعودته الآن هي عودة لروح الثورة من جديد".
يشار إلى أن المرشح نبيل القروي وبعد أن رفض البارحة في إطلالة تلفزيونية الإقرار بهزيمته أو تهنئة منافسه الفائز، نشر اليوم بيانا رسميا هنأ خلاله قيس سعيّد، معربا عن استعداده وحزبه "قلب تونس" التعامل معه لما فيه مصلحة الوطن.