احتجاجات العراق.. بلد غني ينخره الفساد
يشهد العراق موجة احتجاجات واسعة في بغداد والمدن الجنوبية، ما لبثت أن توسعت مخلفة عشرات القتلى وآلاف الجرحى. ويطالب المحتجون بالإصلاح وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، وهي ليست المرة الأولى التي يخرج فيها العراقيون إلى الميادين للاحتجاج على تردي الأوضاع الاقتصادية.
وتأتي هذه الاحتجاجات الغاضبة بعد تفشي الفساد في الدوائر الرسمية، وضعف الوضع الاقتصادي، وقلة التوظيف للشباب، مما تسبب بارتفاع معدل البطالة وازدياد الفقر.
وفي البصرة على سبيل المثال لا الحصر، وهي المدينة الأغنى نفطاً والأكثر في نسب البطالة، يعاني السكان في الحصول على الخدمات الأساسية كالماء النظيف والكهرباء وخدمات الطرق وغيرها، مما جعل الأهالي يتظاهرون للحصول على تلك الخدمات التي حرموا منها في بلدهم الغني بالثروات.
وجاء العراق في المرتبة 168 من بين 180 دولة عام 2018 بحسب تقرير "منظمة الشفافية الدولية" وهذا مؤشر خطير جداً، وعلى مدار 15 سنة على التوالي في قائمة الدول الأكثر فساداً حيث حصل العراق على 18 درجة من أصل مئة بترتيب الدول "الفاسدة" بعد أن نخر الفساد في جسد المؤسسات الحكومية.
- معدل البطالة
ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، بلغ معدل البطالة للشباب الذين تتراوح أعمارهم (15-24) عامًا حوالي 20% عام 2014، ووصل 22.7% عام 2016.
ويعد ذلك مؤشرا واضحا على أن معدل الفقر والبطالة في تصاعد مستمر، وارتفعت معه نسبة الجريمة، ومعدلات الانتحار والمخدرات، والانضمام إلى الجماعات المسلحة.
وقد نشرت مفوضية حقوق الإنسان المحلية بياناً كشف عن عدد حالات الانتحار منذ مطلع العام الحالي حتى 14 سبتمبر/أيلول الماضي، إذ بلغت 274 حالة في عموم المحافظات. حالات الانتحار هذه تعزوها الجهات الرسمية إلى مشكلات اجتماعية وقلة فرص العمل.
وذكر المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لوكالات إعلام محلية أن معدلات الفقر بلغت 20% عام 2018، وأن الأزمة الاقتصادية والأمنية أثرت سلباً في انخفاضها، وخصوصاً عام 2014، بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على ثلث مساحة العراق، حيث ارتفعت نسبة الفقر في كل من محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى بمعدل 41%".
- بدون حل
ومنذ عام 2003 وحتى يومنا هذا، فشلت الحكومات المتعاقبة في إيجاد حل لأزمة الكهرباء رغم إنفاقها مليارات الدولارات من دون جدوى، وفي حر الصيف اللاهب يشتعل فتيل الاحتجاجات، فما من مظاهرة في مدينة إلا وتجد لافتات تنادي بتوفير الكهرباء.
وبلغ حجم النفقات على قطاع الكهرباء أكثر من أربعين مليار دولار، ولم تتحسن الخدمة بل تسوء يوما بعد يوم، ويلعب الفساد المالي والإداري دوراً فاعلاً في تأخر إصلاح هذا القطاع الحيوي والمهم لحياة المواطنين.
ولم تتوقف ملفات الفساد عند الكهرباء فحسب، بل إعادة الإعمار تكتنفها شبهات الفساد. فرغم الميزانيات الهائلة، تعاني المدن كافة من ضعف في البنى التحتية، كما تعاني المناطق المحررة من تنظيم الدولة صعوبة في إعادة المدن المدمرة بسبب الحرب، ولا تزال عملية الإعمار بطيئة جداً، ومحدودة حتى الآن.
ولكل هذه الأسباب وغيرها لا يزال العراقيون يتظاهرون منذ الأول من هذا الشهر وحتى الآن، لعلهم يحصلون على حقوقهم التي يطالبون بها منذ سنوات.