رفض التمويل وتعفف عن السلطة.. قيس سعيد مستقل هزم منظومة الأحزاب
[ قيس سعيد تونس ]
بلا رصيد سياسي، ومن دون "ماكينة" حزبية؛ حقق المرشح المستقل قيس سعيد المفاجأة بتصدره نتائج استطلاع الرأي للدور الأول من الانتخابات الرئاسية بتونس، مطيحا بالضربة القاضية بأبرز مرشحي الأحزاب الكبرى.
وأظهرت مؤشرات أولية أعلنتها وكالة "سيغما كونساي" لسبر الآراء تقدم قيس سعيد بـ19.50% من الأصوات، يليه المرشح المستقل نبيل القروي في المرتبة الثانية بنسبة بـ15.5%.
وعلى وقع شعارات ثورية من قبيل "أوفياء لدماء الشهداء"، احتفل سعيد مع أنصاره بالفوز الأولي في مقر حملته الانتخابية بالعاصمة، مؤكدا أنه سيعيد لتونس مجدها، وسيمضي في تركيز دعائم دولة القانون والعدل.
زلزال سياسي
ووصف مراقبون نتيجة استطلاع الرأي "بالزلزال السياسي" الذي ضرب في مقتل المنظومة الحزبية الحاكمة، أو "السيستام"، بعد أن مني كل من رئيس البرلمان بالنيابة ومرشح النهضة عبد الفتاح مورو، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي؛ بهزيمة مدوية.
وبرز اسم سعيد بعد الثورة، حيث عرفه التونسيون من خلال مداخلاته الإعلامية كخبير في القانون الدستوري، وشد إليه معجبيه -خاصة من الشباب- بفصاحة لسانه والتزامه بالحديث باللغة العربية الفصحى في المجالس الرسمية والعامة.
وأظهر الرجل انحيازا واضحا لمبادئ الثورة، معتبرا أن رحيل رأس النظام لا يعني إسقاط النظام برمته، داعيا إلى تأسيس دولة قيامها العدل والسيادة الوطنية والحكم المحلي.
وأعلن منذ أشهر تعففه عن السلطة والقصور والمآدب الفاخرة، مستدركا أنه لن يتردد في تلبية نداء الواجب وخوض الانتخابات الرئاسية ومواجهة المنظومة الحزبية من باب مسؤوليته تجاه الوطن.
سيادة الشعب
ويطرح سعيد في أكثر من مداخلة وجهة نظره الخاصة حول الدور الاجتماعي المكفول للدولة تجاه أبنائها، مؤكدا أن عهد الأحزاب قد ولّى وانتهى، وأنه آن للشعب أن يسترجع سيادته على أرضه وثرواته.
ويرفض التمويل العمومي الذي تمنحه الدولة للمرشحين للقيام بحملاتهم الانتخابية، مبررا ذلك بأنها تقتطع من أموال الشعب، وأنه يعول على تجميع الأموال من المتطوعين الشباب، ومن بيع بعض صوره الدعائية (الفلاير) بمبلغ لا يتجاوز مئة مليم.
واعتبر الناشط والمحلل السياسي طارق الكحلاوي أن فوز المرشح المستقل قيس سعيد رسالة مضمونة الوصول بأن الشعب لفظ الأحزاب والطبقة السياسية برمتها، سواء كانوا في الحكم أو المعارضة.
وقال إن ما أظهره سعيد من تعفف عن السلطة، ومن وعود لاستعادة السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية؛ أعاد الأمل لفئة الشباب، خاصة المهمشين والعاطلين عن العمل، وزاد في تأليبهم على السياسيين وانتهازيتهم.
وبخصوص حظوظه في الدور الثاني، لم يستبعد الكحلاوي فوز قيس سعيد بمنصب الرئاسة، "في ظل توفر خزان انتخابي هائل يجمع بين أطياف فكرية واجتماعية متعددة"، حسب قوله.
ومضى الكحلاوي في القول إنه حتى وإن اختلف مناصرو المرشح في بعض القضايا، فإنهم سيجتمعون على دعمه في مواجهة منافسه المباشر نبيل القروي، الذي "يمثل الرأسمالية المتوحشة ولوبي المال والإعلام الفاسد".
صدمة وأسف
على صعيد آخر، عبّر القيادي في حركة النهضة زبير الشهودي في تصريح للجزيرة نت عن أسفه لعدم مرور مرشحهم عبد الفتاح مورو للدور الثاني، حسب المعطيات الأولية غير الرسمية، واصفا ما حدث "بالصدمة" من حيث نسب التصويت.
وحاز مورو حسب ما نشرته "سيغما كونساي" من تقديرات أولية غير رسمية على نسبة تصويت قدرت بـ11%.
وقال الشهودي إن فوز قيس سعيد فيه رسالة مضمونة الوصول للطبقة الحاكمة، داعيا النخبة السياسية لتلقيها بروح المسؤولية الوطنية، مطالبا النهضة بإعادة النظر في وضعها وخياراتها.
وأشار إلى أن منح التونسيين أصواتهم لهذا المرشح يمكن أن يوصف "بالثورة الجديدة" في وجه الفاسدين وكل من فشل في تحقيق أهداف الثورة ومطالب الشعب.
يشار إلى أن هيئة الانتخابات ستكشف اليوم عن النتائج الرسمية للدور الأول من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، في حين ينتظر أن يجري الدور الثاني في أجل أقصاه 13 أكتوبر/تشرين الأول القادم، حسب ما أعلنه سابقا رئيس هيئة الانتخابات نبيل بوفون.